يمكن تعريف أخلاقيات العمل المهني بكونها الضمير الحي للعمل الاحترافي ، بحيث لا يقتصر أداء الأعمال على استيفاء الحد الأدنى من مسؤولياتها فحسب ،بل يعتمد على منظومة الصواب مقابل الخطأ وتأثير هذا الفعل على الفرد والشركة والمجتمع ككل.
وبهذا يفهم أن أخلاقيات المهنة هي مجموعة من النقاط التي اتفق عليها أعضاء المهنة او الشركة الواحدة ، بحيث تنظم حقوقهم وواجباتهم، وتنظم التعامل بين بعضهم البعض، وبينهم وبين الأطراف ذوي العلاقة.
يمكن وصف أخلاقيات المهنة أيضاَ بكونها مجموعة من القواعد والسلوكيات التي تنظم عمل الفرد داخل المؤسسة، بحيث تدرس التبعات الأخلاقية القرارات الخاصة بالفرد ونتائجها على الدوائر المحيطة به، كأن يقوم دكتور بإفشاء أسرار مريض، أو أن يستلم الموظف رشوة لتسهيل الإجراءات، أو أن يستغل إعلامي منبره في شحن المجتمع على شخصية تجمعه معه خصومة، أو يقوم مدرس بنشر درجات تلاميذه الضعفاء، أو أن ينقل موظف أسرار زميله إلى المدير أو الزملاء الاخرين.
يخلط الكثير بين الأخلاق الشخصية وأخلاقيات المهنة، ويظن البعض أنهما مترادفان، لكن في الحقيقة هذا الظن خاطئ وصحيح في آنٍ واحد. فالأخلاق المهنية تمتد من الأخلاق الشخصية التي يمتلكها الفرد، لكنها ليست بالضرورة ذات المعنى. لذا يمكن التفرقة بينهما من خلال التعريف الآتي:
هي مجموعة من المبادئ التي يُغرس في الفرد منذ الطفولة، وتشكل منظومته الأخلاقية الداخلية، وتتأثر بالدين والعرف والمجتمع والأسرة. لا ترتبط بزمن أو موقف معين، بل تستمر مدى الحياة وتنتقل عبر الأجيال.
هي مجموعة من المبادئ التي تنظم العمل وآلية التعامل فيه. قد تختلف عن الأخلاق الشخصية لكنها ملزمة للعاملين في بيئة العمل. على سبيل المثال: الكذب مرفوض أخلاقيًا، لكنه قد يُستخدم مهنيًا لخدمة العميل (رغم أنه غير مستحب)، والتمييز في الخصومات قد يكون غير عادل شخصيًا، لكنه مقبول مهنيًا كميزة للعملاء.
لكل فرد منظومة أخلاقية توجهه في التفرقة بين الصواب والخطأ، ورغم أن هذه المنظومة ذاتية وغير نفعية، إلا أنها تعود على الفرد بالراحة النفسية. أما على مستوى العمل المهني، فإن مصادر أخلاقيات المهنة تتعدد، وأبرزها:
يلعب القانون دورًا مهمًا في إلزام الأفراد بالقيم الأخلاقية السائدة في المجتمع. حتى من يتجاهل العرف أو الدين، قد يلتزم بالقانون خوفًا من العقوبة. وتحتوي معظم التشريعات على مواد تحمي المبادئ الأخلاقية بقوة القانون.
تضع الشركات سياسات داخلية تنظم العلاقة بين الموظفين والعملاء، مثل: السرية، استخدام الصلاحيات، إدارة البيانات، وآداب التعامل. تُستخدم هذه اللوائح لتحديد العقوبات عند الإخلال بها.
تصدر كل نقابة مهنية ميثاق شرف خاص بها لتنظيم سلوك الأعضاء، ويُستخدم كوسيلة لحماية المهنة وفرض العقوبات، مثل الشطب أو المنع من الممارسة. وتختلف هذه المواثيق حسب المهنة، كالأطباء والمحامين والإعلاميين.
رغم اختلاف المهن والبيئات، هناك مبادئ مشتركة تحكم أخلاقيات العمل وتحدد ما إذا كان الفرد ملتزمًا بها أم لا، ومن أبرز هذه المبادئ:
يجب أن يتحلى العامل بالوضوح الكامل في أقواله وأفعاله، وألا يستخدم كلمات أو تصرفات قابلة للتأويل أو تتضمن نوايا خفية. كما يجب عدم حجب المعلومات لأغراض نفعية.
يجب اتخاذ القرارات المهنية بعيدًا عن أي تحيزات شخصية، مثل التمييز الجنسي أو العنصري.
يُمنع تجاوز المساحات الخاصة أو التصرف بوقاحة مع العملاء أو الزملاء. يجب التحلي بالاحترام والاحتراف في التعامل.
يجب الالتزام بالقوانين عند مواجهة النزاعات، سواء من خلال الشكاوى أو التحقيقات أو تنفيذ التوصيات الناتجة عنها.
أحيانًا يصعب الاختيار بين الصواب والخطأ المهني. يجب التفكير بمرونة والبحث عن حلول ترضي جميع الأطراف دون الإخلال بالأخلاق المهنية.
يجب منح جميع الموظفين فرصًا متساوية في الترقيات، التمثيل، الرواتب، وتوزيع المهام دون تمييز.
يجب رفض كل أشكال الهدايا أو الخدمات التي قد تؤثر على قرارات الموظف أو تنال من حياده واستقلاليته.
تُعد المعلومات التي تمتلكها المؤسسات عن موظفيها وعملائها سرية، ويجب عدم استخدامها أو تسريبها أو استغلالها بأي شكل غير قانوني أو غير أخلاقي.